نص حوار سفير السودان لدى أوغندا مع ” الإعلانية العربية
حوار : بدرالدين خلف الله
تصوير: أوبي هاشم
:مقدمة
سفير السودان لدى أوغندا أحمد إبراهيم ، تم تعينه في أواخر أغسطس 2022 ، وتمّ اعتماد أوراقه مِنْ قِبَل الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني؛ كسفير معتمد لدى السودان في دولة أوغندا. في فترة عمله شهد السودان أحداثاً عاصفة وصراعاً دموياً مازال مستمراً بكل تداعياته الكارثية.
تلكم ناحية، أما الأخرى فهي أن سفارة السودان بأوغندا في عهد الرجُل ظلّت وطناً مُصغّراً لكل السودانيين بمختلف مكوناتهم لا سيما خلال هذه المِحنة التي يعيشها أبناء السودان في الخارج.
دلفنا إلى مكتبه الفسيح فقابلنا بترحابٍ غمر المكان بالدفء وفتح الشهية للحديث معه.
1/ ماهو أحمد إبراهيم وأين ولد وترعرع :
ولدت في قرية أم سعدون الناظر بشمال مدينة بارا في ديسمبر من العام 1966. نشأت وترعرعت في بادية دار حامد. تشكلت الطفولة الباكرة وتأثرت بالنشاط الرعوي والزراعي بالقرية بجانب تراث المنطقة المعروف بالغنى والثراء ، مضافاً إلى كثافة مجالس العرف الأهلي في مقر الناظر محمد تمساح ، ناظر عموم دار حامد. الوالد عليه رحمة الله مزارع محترف لا يخلو من دقة وخشونة ، أدركت لاحقاً أنه لولا مدرسته الصارمة لكنت فاقداً تربوياً مثل أقراني في القرية الذين تركوا التعليم في سن باكر لأسباب متعددة ، وقد كانوا من الذكاء مالم أرَ لهم مثيلاً!!. من المرحلة الإبتدائية إلى المرحلة المتوسطة إفتقدت أربعين ونيف منهم وسافرت وحيداً من القرية إلى الثانوي أجرجر أذيال هزيمةً أجهل تماماً أسبابها!!.
2/المراحل الدراسية والدبلوماسية:
درست المرحلة الإبتدائية في قرية أم سعدون الناظر ببادية دار حامد بشمــــال كردفان . والنـــــاظر هنا هو “زانــوق” ناظــــر دار حامد ” زولن عيونو بروق في محكمة زانوق ، الغالي تمر الشوق كان قسمو ما بحوق “. ودرست المرحلة المتوسطة في قرية دميرة ، شمال مدينة بارا ، اشتهرت بأنغام الجراري وشكلت وجـــدان الفنان/ عبدالرحـــمن عبدالله ، حيث تلـــقى بها تعلـــيمه الأولى:
الزارعنو في الخيرات ، ساقينو بالتيران
الزارعنو في بارا ، ساقينو الجمّاله
زولن ستر حاله ، في الغربة البطالة
أما الثانوي العالي في مدرسة خور طقت الثانوية بضاحية مدينة الأبيض:
من نقــــطة فيــــحاء في أفريقــيا البلد العتيـــــــــد
منـــها ســأعـــلن للدنــا للــعــالم الرحب المديــــد
أنـــا عــــــالم تنضـــم تـــحت لــــوائه كـــــل البنــــــــــــــود
من حاضري وفتوتي من وجه ماضيي التليــد
من طقت الكبرى سأهتف معلناً هذا النشيد
هـــــــذا النشــيد الحـــلو رمــــــزاً للـــــســـلام والخــــلود
لا أعــرف الحقد المـــرير أســـوقه فـــوق الوجــــود
سيــــــقودني قـــــلبي الفــــتى لأبتــــني الأمــل الجديد
فضاء خورطقت ليس للأكاديميات فحسب ولكنه صقل لكل السلوك والمهارات والمواهب ، تعلمنا فيها حتى مبادئ الدبلوماسية ، حدا بنا ذلك للاستخفاف حتى بالجامعة لأننا لم نجد فيها ما كان في خورطقت.
امتحنت الشهادة السودانية في العام 1987 ونلت لاحقاً درجة البكالريوس في الآداب من جامعة أم درمان الاسلامية في العام 1991. أيضاً نلت درجة الدبلوم العالي في العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم في العام 2003. ثم نلت درجة الماحستير في علم المكتبات والتوثيق بجامعة الجزائر في العام 2007.
أما بالنسبة للمحطات الدبلوماسية ، من حسن الطالع أن كل الدول التي عملت بها بالخارج تكن شعوبها محـــبةً خاصةً للسودانيين ، بدءً بتشاد والجزائر وقطر وأثيوبيا والإمارات وأخيراً يوغندا. عملت في أغلب هذه الدول زهاء الأربع سنوات كانت عامرة بالتفاعلات التي صقلت بتجــــربتي المتواضعة في العمل الدبلومـــاسي.
3/انطباعك عن أوغندا قبل أن تكون سفيراً وبعده وأكثر شي جذبك لها:
صحـــيح أن انطباعي اتسم بالعـــمومية قبل وصولي ، وقبل أتشرف بخـــدمة بـــــلادي من أوغــــــــــــندا ، لكـــنها عمـــومية منضبطة وليست سائبة ( مقشاشة بلا كُرّاب!! ) وذلك بحكم أن خبرتي الخارجية في العــــــمل الدبلوماسي ارتبطت بالدول الأفريقية أكثر من غيرها. بعد وصولي إلى أوغندا ، أدركت أهمية هذا البلد بالنسبة للســــودان وكذلك أقليم شرق أفريقيا. كما أدركت بأن كلا البلدين أصناعا زهاء الخمس عقود في التوترات الأمنية والسياســــــــــية على حســــاب المصــــالح الإقتصادية والتــــجارية والاستثمارية. وقد شرعت منذ وصولي في وضع خطط وتكتيكات لإحداث اختراق في المجال الأخير ، لكنها تأثرت وتعثرت بسبب الأحداث في السودان.
أكثر ما جذبني في هذا البلد هما: الإنسان والطقس.
إنسان يوغندا: بَصمته وسَمته ، وطقسها: بعدم تطرفه!
4/كسفير كيف تعمل على معالجة التحديات التي تواجه السودانيين في أوغندا؟
بدأنا بتحـــديد أهم التحديات التي تواجه الســـــودانيين في يوغندا ، خاصــــــة الذين قدموا حديثاً. وتتمثل في كيفية إدماج أو التحــــاق التلامــــيذ في مرحلة التعلـــيم العام بالمــــدارس بيوغــــندا ، وفي مجال التعــــليم الجـــــامعي كيفية الحصـــول على فــــرص بالجامعات اليوغندية لطلاب الجامعات السودانية لإكمال مشوارهم الأكاديمي خاصة الذين اكملو العامين فما فوق. أما في القطاع الطبي فالتحديات تتمثل في كيفية تسريع اجراءات إستخراج تراخيص مزاولة المهنة للأطباء الاستشاريين والمهن الأخرى. وكذلك ترتيب وامتحانات الكفاءة المهنية وأطباء الامتياز . ومن هذه التحديات أيضاً إدماج أصحاب الخبرة والمهارات في مجال الاستثمار في مجتمع الأعمال بيوغندا. كما أن هنالك تحديات تتعلق بالشباب والمرأة وتسجيل اللاجئيين وغيرها.
تعمل السفارة لتجاوز هذه التحديات من خلال لجنة تم تشكيلها من خبراء متطوعين وأصحاب مصلحة من أبناء السودان بوجود ممثل أو أكثر لكل قطاع. تجتمع اللجنة بصورة دورية ويترأسها السفير لبحث طرق التعاطي مع هذه التحديات. كما نحرص على حضور ممثلي القطاعات لاجتماعاتنا الرسمية مع الجهات المعنية اليوغندية باعتبارهم أصحاب مصلحة ويعبرون عن هموم العامة في تفاني وتجرد ملحوظ. ومما يجدر ذكره هنا أن أبواب اللجنة مشرعة لإستقبال أي مبادرة أو حضور يسهم في دفع جهود ومساعي اللجنة إلى الأمام.
نقطة مهمة في هذا الصدد وهي أننا نحرص جداً على تضمين أجندة تحديات السودانيين بيوغندا في مقابلات المسؤولين السودانيين مع القيادة اليوغندية ، الأمر الذي كان له إنعكاسات إيجابية على صعيد التوجيهات العليا التي تصدر للجهات المعنية فيما يلي التعامل مع قضايا السودانيين بيوغندا.
5/ماهي نتائج جهودكم مع المسؤولين الأوغنديين حول توفيق أوضاع السودانيين؟
تعلمون أن عملية توفيق أوضاع السودانيين الذين قدموا ليوغندا مؤخراً هي عملية معقدة ومستمرة لا تنتهي في أيام وشهور! والغاية التي نصبوا إليها من خلال هذه العملية هي خلق مجتمع سوداني خلّاق ومنتج ، حيث يمثل قيمة إضافية ليوغندا. لدينا اجتماعات دورية ومستمرة مع وزارة التعليم والرياضة لمعالجة مشاكل التعليم العام والعالي التي تواجه أبناء الأسر السودانية في يوغندا. وهنالك تفهم كبير لطبيعة وحجم هذه المشاكل وبذات القدر يوجد تفاعل إيجابي مقدر مع المقترحات والحلول المطروحة لتجاوز هذه التحديات. ومن النتائج الجزئية لهذه الاجتماعات التفاهم بين السفارة والإدارة المعنية بمعادلة الشهادات على كيفية معالجة الوثائق والمستندات الدراسية. ونتوقع نتائج أكبر وملموسة لهذه الاجتماعات في الفترة المقبلة.فيما يلي تحديات القطاع الطبي تمكن عدد من أطباء الامتياز من الجلوس للامتحان الذي نظمه المجلس الطبي الأوغندي. والجهود المستمرة لتذليل وتسهيل اجراءات الترخيص للأطباء الاستشاريين. كما يجري التواصل مع المجلس الطبي السوداني لعقد امتحان الكفاءة المهنية في كمبالا.
ومن أهم النتائج كذلك ما تحقق على صعيد قطاع الأعمال ، حيث شجعت السفارة وتدعم مبادرة تكوين جسم يمثل هذا القطاع المهم والذي نتوقع له نجاحاً كبيراً سيسهم بلا شك في تمكين العلاقات الإقتصادية والتجارية والإستثمارية بين السودان ويوغندا. وتحدثنا مع عدد من المسؤلين المعنيين بضرورة تقديم حزمة من المحفزات لقطاع الأعمال السوداني الناشيء والمسنود بخبرات ومهارات راسخة من شأنها أن تفيد يوغندا داخلياً ، فضلاً عن الإسهام في تسويق منتجاتها خارجياً. كما أسفرت جهود السفارة في سبيل توفيق الأوضاع الهجرية لرعاياها عن إستقدام فريق لإستخراج الجواز الإلكتروني. وقد تمكن هذا الفريق حتى الآن إستخراج عدد مقدر من الجوازات للسودانيين بيوغندا والقادمين من بعض دول الجوار الإقليمي.
6/ظهر سعادة السفير في الفترة الأخيرة بصورة شعبية لافتة حيث شارك في العدد من المناسبات ، ماسر ذلك ؟
اللافت في تقديري هو الإهتمام الإعلامي بتغطية النشاطات الإجتماعية والثقافية للبعثة وليس العكس ، أما ظهوري في المناسبات لم ينقطع منذ وصولي إلى يوغندا. أحاول جاهداً من منطلق مسؤولياتي أن أشارك أبناء الجالية في أفراحهم وأتراحهم. بجانب زيارة المرضى وزيارات العمل وغيرها. ومن جانب أخر فإن الإضافة النوعية للجالية السودانية التي طرأت بعد الأحداث الأخيرة في البلاد أسهمت هي الأخرى في زيارة عدد من المناسبات المختلفة كماً ونوعاً.. وفي أغلب هذه المناسبات أتشرف بتلقي دعوة للحضور والمشاركة.
7/انطباعك عن الخدمة التي تقدمها مؤسسة أوغندا بالعربي؟
من حيث التفرد تكاد تكون الجهة الوحيدة التي تقدم خدماتها باللغة العربية في وسط حيوي ولقاعدة لا يستهان بها.. أما من حيث المحتوى فموقع ” أوغندا بالعربي ” يقدم خدمة أخبارية مميزة ومتنوعة وسهلة الهضم خاصة في ظل التدفق المعلوماتي المهول!! كما أن هنالك خدمة الإعلانات التي وجد فيها مجتمع الأعمال السوداني ضالته خاصةً بعد الزيادة الكبيرة في حجم الوجود السوداني في يوغندا.
8/ رسائل تحب أن توجهها ؟
للسودانيين ، أن يكونوا أكثر ترابطاً وتعاوناً وتكاتفاً لتجاوز تحديات هذه المرحلة والإستفادة من الفرص المتاحة بيوغندا في كل المجالات.
ليوغندا ، رئيساً وحكومةً وشعباً كل الشكر على الترحيب والحفاوة التي وجدها السودانيون الذين اتخذوا يوغندا ملاذاً لهم ولأسرهم ، وأن الشعب السوداني لن ينسى هذا الوقفة لا سيما وأنها في أحلك الظروف.
التعليقات
0 تعليقلا توجد تعليقات بعد
كن أول من يشارك رأيه حول هذا المقال!
أضف تعليقك