أوغندا بالعربي- المجلة الاقتصادية العربية

سعادة السفير إبراهيم أحمد سلطان 

مــــقدمـة:

عـندما تـحاور أصـحاب الفـكر المتّـقد والثـقافة الواسـعة، يـكون للحـوار طعـمٌ آخـر، أقـرب إلـى حـديث الانـس والسـمر.

حملتُ أقلامي ودفاتري، وشددتُ الرحال نحو منطقة “كولولو بكمبالا”، حيث مقر السفارة الليبية، لحوارٍ خاص مع سعادة السفير إبراهيم أحمد سلطان، سفير ليبيا لدى أوغندا.

وُلد السفير إبراهيم سلطان في مدينة ليبية تقع على مقربة من الحدود الشمالية مع السودان، وهي منطقة ذات روابط تاريخية وثقافية عميقة مع السودان. يقول في ثنايا حديثه الثري:

“هاجرت بعض العائلات من عشيرتنا إلى الفاشر ومدن سودانية أخرى، ولا تزال هذه الروابط الاجتماعية قائمة حتى يومنا هذا.”

سطع نجمه من خلال انخراطه في العمل الشبابي، إذ تولى مسؤولية ملف الشباب في المحافظة، وتعرّف من خلاله على طيف واسع من النشطاء الليبيين والعرب.

من هنا كانت انطلاقته نحو الإعلام، حيث حمل رسالة الشباب، ونقل صوتهم عبر منصات الإذاعة والتلفزيون إلى العالم الخارجي.

حوار : د.بدرالدين خلف الله

تصوير: أشرف محمد آدم

نرحب بسعادة السفير في حوار خاص للمجلة الاقتصادية العربية 

نبـدأ من الجـذور… أيـن وُلـدت وكيـف كانـت نشـأتك؟

أشكركم على الاستضافة. أنا من مدينة ليبية تقع قرب الحدود الشمالية للسودان، وهي منطقة ترتبط تاريخياً وثقافياً ارتباطاً عميقاً بالسودان. لدينا علاقات ممتدة منذ العهد العثماني والإيطالي، حيث هاجرت بعض العائلات من عشيرتنا إلى الفاشر ومدن سودانية أخرى، ولا تزال هذه الروابط الاجتماعية قائمة حتى يومنا هذا.

كانت بدايتي من خلال العمل مع الشباب، حيث كنت مسؤولاً عن ملف الشباب في المحافظة، وتعرفت على معظم النشطاء من ليبيا ومن العالم العربي، وحتى على المستوى الدولي. درست الإعلام في الجامعة المفتوحة ببنغازي، وكنت أقدم برامج إذاعية، كما شاركت في تأسيس مؤسسة شبابية لنشر الوعي بأهمية دور الشباب والإعلام في المجتمع. نجحنا فعلاً في إيصال صوت الشباب إلى العالم، وذلك في عام 2000، أي قبل ثورة فبراير.

بعد فبراير، ابتعدت قليلاً عن السياسة واتجهت للنشاط الاقتصادي، حيث أسست شركة خاصة بي في مجال النفط، وعملت مع شركة ألمانية في الحقول، وكان معي أكثر من 50 عاملاً سودانياً بين عامي 2012 و2014. لكن السياسة كانت دائماً حاضرة في وجداني، فترشحت في انتخابات المحافظة عام 2020 وفزت، وعدت إلى العمل التنفيذي.

كانت رؤية حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا تقوم على تمثيل كل المحافظات، وضمن هذا الإطار تم اختياري للعمل في السلك الدبلوماسي، وكانت هذه بداية مسيرتي كسفير.

كيـف تـرى الـدور اللـيبي في أوغـندا مـن الجـوانب الدينـية والاقـتصاديـة؟

ليبيا لها تاريخ طويل في أوغندا، خاصة منذ سبعينيات القرن الماضي، سواء على المستوى الديني أو الاقتصادي. من أبرز المشاريع شركة “UTL” للاتصالات، التي كانت ليبيا تمتلك فيها نسبة 69%. كما أن جمعية الدعوة الإسلامية لعبت دوراً محورياً في نشر الإسلام ودعم العمل الخيري في البلاد.

أحد رموز هذا الدور هو مسجد القذافي، الذي أسهم في نشأة جيل مسلم واعٍ. وقد حاولت ليبيا منذ عهد الحركة السنوسية، ثم عبر قيادة القذافي، أن تؤسس حضوراً إسلامياً وإفريقياً ملموساً، فتم دعم بناء المساجد والمدارس والجامعات، مثل الجامعة الإسلامية في أوغندا.

كانت هناك استراتيجية مزدوجة: نشر الإسلام من جهة، وتقديم دعم اقتصادي وإنساني من جهة أخرى. وهذا ما يجعل الحضور الليبي مختلفاً ومحل تقدير كبير في أوغندا.

مـاذا عن جـهود ليـبيا في دعـم اللغـة العـربية والدراسـات الإسـلامية هـنا؟

الجمعية الإسلامية لها استقلاليتها، لكن هناك دعم غير مباشر من الدولة الليبية، عبر توفير مصادر تمويل ذاتي، مثل مصنع العصائر ومقر الجمعية الذي يعد من الأصول الثابتة. ولا تزال الجمعية تنظم المسابقات القرآنية والأنشطة الثقافية والدينية، وهي فاعلة في تعزيز الهوية الإسلامية.

حدثـنا عـن طبـيعة الاستـثمارات الليبـية الاقتـصادية في أوغـندا.

لديـنا عـدة استـثمارات مهـمة مـنها:

شركة الإسكان الليبية الأوغندية: تأسست عام 2005، وتساهم ليبيا فيها بنسبة 49%.

شركة “أويل ليبيا”: تأسست عام 2009 وتملكها الدولة الليبية بالكامل، وتعمل في مجال تسويق الوقود.

شركة الاتصالات (UTL): تأسست عام 2008 وكانت مساهمة ليبيا فيها بنسبة 69%.

فندق فيكتوريا: تأسس عام 2002، مملوك بالكامل لليبيا، ويقع في عنتيبي قرب المطار، ويعد من الاستثمارات الناجحة.

مصرف تروبيك (Tropic Bank): تأسس عام 2009 ويتبع للبنك العربي الليبي الخارجي، وتملكه ليبيا بنسبة 99%. وحقق نجاحاً كبيراً، خاصة مع الجاليات الإسلامية، من خلال تقديم خدمات مصرفية إسلامية وقروض ميسرة.

هذه المؤسسات رغم الظروف الصعبة التي مرت بها ليبيا بعد عام 2011، لا تزال صامدة وتحقق أداءً جيداً، ونعمل على الحفاظ عليها وتطويرها.

ما هـو انطـباعك عن أوغنـدا بعـد ثـلاث سنـوات من الـعمل فـيها؟

أوغندا بلد واعد وغني بالموارد الطبيعية، خاصة في القطاع الزراعي. شعبه طيب ومسالم، وأرضه خصبة. ورغم أنها دولة غير ساحلية، إلا أنها تتمتع بموقع استراتيجي يمكن استغلاله في التجارة الإقليمية.

كما أن هناك اهتمام متزايد من بعض رجال الأعمال الليبيين بالاستثمار الزراعي، حيث استأجر بعضهم هكتارات من الأراضي خارج كمبالا، وبدؤوا بزراعة البن بغرض التصدير. هذه خطوة واعدة جداً، وأشجع عليها.

كيـف تـرون الجـالية السـودانية ومجـتمع الأعـمال السـوداني في أوغـندا؟

الجالية السودانية في أوغندا نشيطة جداً ولها تأثير واضح في مختلف المجالات. السودانيون يعملون في الطب، التجارة، التعليم، وحتى في المهرجانات الثقافية. نقلوا معهم ثقافتهم وأسلوب حياتهم، ونجحوا في الاندماج بفعالية داخل المجتمع الأوغندي.

أكثر ما يميز السودانيين هو الاجتهاد والمرونة والصبر، وهذه صفات جعلت لهم مكانة خاصة في أوغندا. أوجه لهم التحية من هنا، وأدعو أن تنعم بلادهم بالأمن والاستقرار والازدهار.

رسـالتي:

رسالتي إلى رجال الأعمال العرب أن يتجهوا إلى الاستثمار في أوغندا، فهي أرض خصبة ومليئة بالفرص. الاستثمار هنا ليس فقط اقتصادياً، بل أيضاً إنسانياً. يمكنك أن تسهم في دعم شعب طيب ومسالم، ويحتاج إلى الشراكة والدعم للنهوض.

كما أشكر المجلة الاقتصادية العربية على اهتمامها، وأعتبر نفسي جزءاً من هذا المشروع الإعلامي الهادف، الذي يوثق ويبرز العمل العربي في أفريقيا.

تتقدم مؤسسة أوغندا بالعربي والمجلة الاقتصادية العربية بخالص شكرها وتقديرها لسعادة السفير إبراهيم أحمد سلطان سفير دولة ليبيا لدى أوغندا، لاتاحته الفرصة، وتعتبره من الوجوه الدبلوماسية العربية المُشرفة للوطن العربي والإسلامي في أوغندا.